
الرأرأة
(الحركات اللاإرادية للعين)
Nystagmus

ما هي الرأرأة؟
الرأرأة هي حركة سريعة لا إرادية للعينين تهتز ذهابًا وإيابًا. وعادة ما تكون هزة العينين هذه في اتجاهات أفقية أو رأسية.
ما هي الأنواع المختلفة من الرأرأة؟
يتم تصنيف الرأرأة عادة على أنها خلقية أو مكتسبة. عادة ما تتراوح بداية الرأرأة الخلقية بين ٦ أسابيع وعدة أشهر من العمر. إذا بدأت بعد عمر ٦ أشهر، فإنها تعتبر رأرأة مكتسبة وقد تتطلب تصويرًا مثل التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ للبحث عن سبب الرأرأة.
تميل الرأرأة الخلقية إلى الانقسام إلى مجموعتين، الأطفال الذين يعانون من رؤية غير طبيعية والأطفال الذين يعانون من رؤية طبيعية. عند الأطفال الذين يعانون من ضعف أو غير طبيعي في الرؤية، تكون العين غير قادرة على إرسال رسالة واضحة إلى الدماغ حول ما يرونه. يحتاج الدماغ إلى ردود فعل أو تحفيز من العينين – من خلال الرؤية – ليتعلم كيفية الحفاظ على ثباتها. تشمل الحالات التي يمكن أن تترافق مع هذا النوع من الرأرأة عتامة عدسة العين الخلقي (أو النزول الأبيض)، ضمور العصب البصري، أمراض الشبكية الخلقية أو الوراثية، البهاق، والخطأ الانكساري الشديد من بين حالات أخرى. العامل المشترك في كل هذه الحالات هو أنها تسبب ضعف متوسط إلى شديد في البصر في كلتا العينين منذ الولادة. يُشار إلى هذا النوع أحيانًا باسم "الرأرأة الحسية" في إشارة إلى حقيقة أن العيون لديها قدرة ضعيفة على "الإحساس" بالرؤية. يبدأ هذا النوع من الرأرأة في عمر ٢-٣ أشهر ويستمر طوال الحياة.
النوع الآخر من الرأرأة الخلقية يحدث عند الأطفال الذين لديهم رؤية طبيعية أو شبه طبيعية، ولكن الدماغ لديه ضعف في التحكم الحركي في ثبات العين. لهذا السبب، يُشار إلى هذا النوع من الرأرأة عادةً باسم "الرأرأة الحركية الخلقية". هذا النوع من الرأرأة هو أكثر شيوعًا ولكن في كثير من الأحيان ليس له سبب محدد. إذا أصيب الطفل بالرأرأة في الأشهر القليلة الأولى من حياته، فعادةً ما يتم إجراء فحص للبحث عن الحالات المذكورة أعلاه، ولكن إذا وجد أن العينين والدماغ يتمتعان بصحة جيدة وطبيعية في وظيفتهما البصرية، قد يكون التشخيص على الأرجح رأرأة حركية خلقية.
أما بالنسبة للرأرأة المكتسبة، فتظهر في وقت لاحق، في وقت مبكر من عمر ٦ أشهر ولكن يمكن أن تحدث في أي وقت بعد ذلك. يمكن أن يكون لها العديد من المسببات - تشوهات الدماغ الهيكلية والوظيفية، الآثار الجانبية للأدوية، السرطان، والاضطرابات الوراثية والأيضية وغيرها الكثير. يمكن أن ترتبط الرأرأة المكتسبة بحالات طبية خطيرة وعادةً ما تتطلب المزيد من التقييم من خلال التصوير بالرنين المغناطيسي أو الاشعة المقطعية للدماغ، والفحوصات المعملية من خلال سحب الدم من أجل تحديد السبب المحتمل.
هل الرأرأة مرض وراثي؟
تحدث معظم الرأرأة تلقائيًا عند الطفل، مما يعني أنها كانت موجودة في أحد الوالدين ولا تنتقل في العائلة. ومع ذلك، هناك عائلات تضم عدة أفراد مصابين بالرأرأة، وقد ساعدنا ذلك في تحديد الجينات الموجودة في العائلة والمرتبطة بالرأرأة. وقد وجد أن هذه الجينات تأتي في أشكال متعددة من الوراثة: السائدة، والمتنحية، والمرتبطة بـ X. حتى لو كانت العائلات التي تضم عدة أفراد مصابة بالرأرأة، فقد يكون هناك نطاق بدرجات متفاوتة من الشدة بين جميع أفراد الأسرة المصابين.
كيف تؤثر الرأرأة على التطور البصري لدى الطفل؟ ما هي نسبة النظر في المستقبل كشخص بالغ؟
لا يمكن الإجابة على هذا السؤال دون التعرف أولاً على نوع الرأرأة التي يعاني منها الطفل. إذا كانت الرأرأة حسية خلقية، فستكون الرؤية ضعيفة ومن المحتمل أن تكون ضعيفة، ولكن ليس بالضرورة بسبب الرأرأة بل السبب الكامن وراء الرأرأة. على سبيل المثال، الطفل الذي يعاني من ضمور في العصب البصري في العينين (أو العيوب الخلقية في العصب البصري في العينين)، سيعاني الطفل من ضعف الرؤية في الغالب بسبب خلل في الأعصاب البصرية، وليس بسبب الرأرأة اللاحقة.
في حالة الطفل المصاب بالرأرأة الحركية الخلقية، حيث تكون عينيه صحية وطبيعية، يمكن أن تكون الرؤية جيدة جدًا، عادةً ٢٠/٥٠ ( أو ١٥/٦) أو أفضل. من الصعب التنبؤ مبكرًا بما ستكون عليه حدة البصر النهائية للطفل المصاب بالرأرأة. الطريقة الأكثر فائدة هي إجراء اختبارات دقيقة من شأنها أن تساعد في تحديد ما إذا كانت هناك أي مشاكل أخرى في العين يمكن أن تسبب الرأرأة.
ما الذي يراه الشخص المصاب بالرأرأة فعليًا؟
عادةً ما يرى الأطفال الذين يعانون من الرأرأة الخلقية، العالم بشكل مشابه للأطفال الآخرين، ولكن مع بعض التشويش. حيث لا يبدو العالم وكأنه "يهتز" في الواقع بالنسبة للطفل. في المقابل، فإن الأفراد الذين يعانون من الرأرأة البالغة أو المكتسبة غالبًا ما يبلغون عن ظهور حركة أو "اهتزاز" للعالم المرئي.
لماذا يميل الأشخاص الذين يعانون من الرأرأة رؤوسهم في جهات أو وضعيات معينة؟
يمكن أن تختلف شدة اهتزاز العين حسب المكان الذي ينظر إليه الفرد. بمعنى آخر، قد يلاحظ الطفل المصاب بالرأرأة أن عينيه تهتزان أكثر عندما تنظران إلى اليمين، وأقل عندما تنظران إلى اليسار. نظرًا لأن انخفاض الاهتزاز أو اهتزاز العين يرتبط بتحسن الرؤية، فإن هذا الطفل يدير رأسه إلى اليمين للسماح له بالنظر إلى اليسار بسهولة أكبر. ليس كل طفل مصاب بالرأرأة لديه وضعية رأس معينة، أو قد تكون الرأرأة أقل عند النظر الى الأمام، وفي هذه الحالة سيحمل رأسه بشكل طبيعي. إذا كان الطفل يدير رأسه للوصول إلى أفضل رؤية، فهذا أمر إيجابي. وهذا يعني أنه قد حدد الطريقة التي يمكنه من خلالها الحصول على أفضل رؤية لديه. لا ينبغي تشجيع الطفل أو إجباره على إدارة رأسه في الاتجاه المعاكس "لموازنة" الأشياء، فهذا يقلل فقط من قدرته على رؤية الأشياء بوضوح.
هل يمكن أن تحدث الرأرأة في عين واحدة؟
نعم، ولكن نادرا. عادة ما تكون الرأرأة غير متماثلة أو متساوية بين العينين وليست فقط في عين واحدة. من أسباب حدوثها تشوهات داخل الدماغ أو الجهاز البصري ومن المحتمل أن يحتاج المريض إلى فحوصات إضافية مثل التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ.
ما هي العلاجات الغير جراحية المتوفرة للرأرأة؟
أولاً، يعتمد الأمر على السبب الكامن وراء الرأرأة (إن وجد) وعلاج تلك الحالة. على سبيل المثال، إذا كان الطفل يعاني من خطأ انكساري كبير - أو وصفة طبية عالية تتطلب نظارات - فمن المناسب إعطائه النظارات. يمكن استخدام العدسات اللاصقة في علاج الرأرأة ويمكن أن تنتتج في بعض الأحيان بجودة رؤية أفضل من النظارات.
وقد لوحظ نجاح متفاوت مع الأدوية المستخدمة لتخفيف شدة الرأرأة. لسوء الحظ، فإن استخدام هذه الأدوية غالبًا ما يكون محدودًا بسبب آثارها الجانبية، والتي يكون الكثير منها في الواقع أسوأ من الرأرأة نفسها. يعتبر توكسين البوتولينوم مفيدًا لبعض الأفراد الذين يعانون من الذبذبات الشديدة والمستعصية (الإحساس بأن عالمهم البصري يهتز).
هل يمكن علاج الرأرأة بالجراحة؟
قد ينصح الطبيب بجراحة عضلات العين (جراحة الحول) لبعض الأفراد المصابين بالرأرأة. الهدف من الجراحة في معظم الحالات هو المساعدة في تخفيف وضعية الرأس الغير طبيعية إلى حد كبير. يمكن أن تؤدي الجراحة في بعض الأحيان إلى تحسين الرؤية ولكنها لا تقضي على الرأرأة بشكل
كامل.
كتبة: د. ماجدة اليحيائي